القائمة الرئيسية

الصفحات

 

كيف تتقن سداسية فن القراءة
كيف تتقن سداسية فن القراءة

مقدمة

القراءة أهم وسيلة لاكتساب المعرفة، وإذا كان اكتساب المعرفة أحد أهم شروط التقدم الحضاري.

فإن علينا ألا نبخل بأي جهد يتطلبه اتقان القراءة.

هناك مثل غربي يقول:

إذا أردت ان تسعد إنسانا فحبب إليه القراءة

فملكة القراءة لمن يمسك بزمامها،تمنح صاحبهامتعة لاتقاوم ،وتسبغ عليه سحرا لاينتهي. 

إن حياة الإنسان الحقيقة لاتقاس بالأيام والشهور والسنوات، كما دأب الناس على حسابها،وإنما بمقدار مايمتلكه من المعرفة.
إن القراءة فن تهب الإنسان خلاصة فكر من يقرا لهم ، لأنها تمده بالمعرفة التي أودعوها أوراق كتبهم.
وليس من سبيل إلى كشف الغطاء عن هذه المعرفة والتحصل على تلك الأحاسيس والخبرات كسبيل القراءة والاطلاع .

مفهوم القراءة

القراءة ليست مجرد تلاوة باللفظ، بل هي علم مؤصل مقصدها إنتاج العلم والمعرفة والوصول للحقيقة،وعدم سلوك أصول القراءة تنتج معارف باطلة مغلوطة.

فالقراءة علم وفن ،وكل قراءة لا تكون علما وتغييرا فهي حركات ارتعاش صورية.

إن القراءة ليست اطلاعا فقط، بل هي تشكيل كذلك، أما جعلها مجرد ارتعاش  شفاه فهو الجهل بعينه.

فالقراءة مفهوم شامل لممارسات بدنية وعقلية ونفسية، فهي حوار بين لإنسان الكتاب وانتاج وتشكيل لإبداع جديد،وتذكر لعلوم ومتع ذهنية سابقة، ورحلة ذهنية لتاويل ونقله إلى صور متخيلة،وليس فقط  تلاوة للفظ أو ممعرفة جديدة.

القراءة مدارك ومراتب معرفية متعددة الدرجات،فكلما ارتقى الإنسان كلما كانت قراءته امتع وأرفع وأوضح.

القراءة ليست حالة تلقى فحسب،لكنها حالة تفاعل بين المقروء والقارىء.

في القراءة تكون الرحلة عبر الزمن والتاريخ  وعبقه، وأحداثه،مسراته وأحزانه .

مع القراءة تطوف في كل الأماكن،تحضربناء المدن وتشييدها وهدمها.

أهداف القراءة 

الهدف الأول

هو الرغبة في الاستمتاع والحصول على على الثقافة العامة، وكذلك الحصول على الراحة النفسية، من خلال قراءة المجلات والروايات وماشبهها.

تشير بعض الدراسات إلى أن 70% من الناس تتجه للقراءة لأجل هذا الهدف بصورة أساسية.

الهدف الثاني 

هو استكشاف الصورة العامة لكتاب ما، والسبب في الرغبة بالحصول على الصورة العامة لكتاب ما متعددة.

لكن ابرزها هو الرغبة بالوصول إللا قرار شراء الكتاب وإقتنائه من عدمه .

الهدف الثالث 

هو بقصد المراجعة، ويكون ذلك بقرأة كتاب سبق للقارىء أن قرأه، إما استعدادا لامتحان،أو تحضيرا لمحاضرة، او لكتابة أو ماشابه.

وقد تكون للاستمتاع مجددا بكتاب اعجب به القارىء حين قراه للمرة الاولى.

الهدف الرابع

هو البحث عن معلومة ما، وهذه القراءة تسمى القراءة الباحثة،ولعل أبرز مثال عليها هو القراءة في الموسوعات والقواميس والمعاجم.
حيث أن القارىء يقصد ويطلب معلومة بعينها دون سواها.

الهدف الخامس

هو الرغبة في تدقيق المكتوب ومراجعته لتصحيحه، كمراجعة كتاب على مستواه اللغوي، او النحوي .
وعادة مايكون هذا اللون من القراءة جزءا من وظيفة أو عمل يقوم به القارىء، كالمددقين والمصححين اللغويين .

الهدف السادس

هو الرغبة في السيطرة واستيعاب المادة المقروءة من المرة الأولى لتذكرها لاحقا.
وهذا النوع من القراءة هو مايعرف بالمذاكرة.

الهدف السابع 

هو السعي لنقد محتوى الكتاب، إما على الصعيد الفكري او المعلوماتي او الأدبي، وهذا النوع من القراءة أيضا من الأنواع المتخصصة التي قد تكون جزءا من وظيفة او عمل كوظيفة الناقد الادبي في مؤسسة ما .

ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه قد يجتمع بعض من أهداف القراءة عند قارىء ما حين قرأته لكتاب واحد .

ومن أجل ان يتقن الإنسان فن القراءة، عليه أن يسيطر على سداسية فن القراءة ، فيعرف الإجابة على: ماذا؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟ وكيف؟ وكم سأقرأ؟

السؤال الأول : ماذا أقرأ؟

قد يبدو السؤال غريبا شيئا ما، وذلك لأن البعض سيرونه أسهل من أن يسأل ، ولكن الكثير لايقرأون لانهم يجهلون ماذا يقرأون، ولأنهم حاولوا أن يقرأوا مالم يصح لهم ان يقرأوه أساسا فعجزوا عن إكماله.
فاعتقدوا بعدها بانهم ليسوا من أولئك الذين حباهم الله بالقراءة، فعزفوا عن الأمر كله ، وتنامي في داخلهم حاجز نفسي كبير صار يصدهم ويمنعهم من الاقتراب من باب أي كتاب بعد ذلك.
والإجابة على السؤال هي أن نقرأ مانحب، فالحب سيجلب له المتعة، والمتعة ستكون دافعه للمواصلة في طريق القراءة.

السؤال الثاني :لماذا أقرأ

البعض يجهل او يخلط بين هدفه من قراءة كتاب وآخر، وبالتالي يتوه عن الاسلوب الصحي

 لقراءة الكتاب الذي بين يديه، فتراه إما يقرائه بسطحية وعجالة، وإما يتعمق به بشكل مبالغ فيه.

ومعرفة لماذا تقرأ هي المفتاح لمعرفة مقدار الوقت والجهد الذي يجب عليك ان تصرفه لقراءة الكتاب الذي بين يديك.

البعيقول أرنولد توينبي ليست العبرة في كثرة القراءة، بل في القراءة المجدية

ض يعتقد أن عليه أن يقرأ كل ماهو موجود من دفتي الكتاب، بينما الصحيح هو أن ينتقى القارىء من أجزاء الكتاب وفصوله مايتلاءم مع احتياجاته، ويتوافق مع نفسه وفكره فقط.

السؤال الثالث :أين أقرأ؟

ومرة اخرى قد  يبدو السؤال سهل الإجابة، لكنه في الحقيقة ليس كذلك، هل يقرأ الإنسان في المكان الهادىء ، ام في المكان الملىء بالأصوات ؟ أم تراه يقرأ في اي مكان؟ 

من يجيبون على هذا الشؤال بقولهم إن باستطاعتهم أن يقرأوا في أي مكان فعلا، وهؤلاء عموما قلة قليلة جدا،هم من يجدون السؤال سهلا ولا يستحق أن يستحق أن يشغلوا بالهم.

لكن الغالب من الناس لايقرأون إلا في مكان محدد يتوافق مع نفسياتهم.

إن االإجابة عبى هذا السؤال، قبل الشروع في دخول عالم القراءة، أمر مهم جدا، لأنه إن أخطا الانسان في اختيار المكان المناسب المتوافق مع نفسيته، فسيكتشف لاحقا مقدار الفائدة التي يحصل عليها من ذلك الوقت الذي يقضيه في القرأة متقلص جدا.

وقد يصل به الأمر إلى الاعتقاد بأن السبب في ذلك بأنه ليس بارعا في القراءة، فيحجم عنها رويدا رويدا حتى يعزف عنها بالجملة، فلابد للمرء أن يعرف :

  1. أي الأماكن أفضل بالنسبة له .
  2. أن يسعى لتوفير هذا المكان حتى يجد الثمرة مما يقرأ.
  3. أن يحرص على توفير المقعد الجيد المريح، الذي يتيح له الاستمرار لفترات طويلة في القراة .
  4. أن يحرص على أن تكون المسافة بين العين والمادة المقروة في حدود الخمسين سنتيمترا.
  5. أن يحرص على مكان جيد التهوية ، مناسب الحرارة، جيد الإضاءة.. 
  6. أن لا يتجاهل أخذ فترات راحة مناسبة بين أوقات القراءة.

السؤال الرابع : متى أقرأ؟

مامن شك بان الانسان قادر على القيام بفعل القراءة في أي وقت، لكن المقصود هنا الوقت الذي يستطيع القارىء خلاله أن يحصل على أفضل ثمرة مما يقرأ.

فلكل منا ساعة ذهبية للقراءة، وفي هذه الساعة  الذهبية يجد القارىء أن تحصيله المعرفي والفكري واستمتاعه بما يقرأ يكون في أعلى مستوياته.

وعلى القارىء أن يحذر القراءة في أوقات الخمول وانحسار النشاط، لأن استيعابه فيها يكون قليلا.

لكنني سأضع بين يديك بعض النقاط التي قد تساعدك على إيجاد وقت للقراءة:

تحتاج أحيانا للتضحية..نعم إذا أردت أن تنمي عقلك وأن تصنع من نفسك مبدعا ، تحتاج بأن تستبدلببعض الأوقات الخاصة أو أي شيىء من هواياتك حاجة أساسية ومفصلية في حياتك ..القراءة.

اصنع روتينا، حد لنفسك وقتا معينا في اليوم للقراءة والتزم به.

ضع لنفسك هدفا، قراءةكتابينفي الشهرمثلا أو عشرين كتابا في السنة أو أقل.

اصطد الأوقات البينية..في السيارة، في بعض الدوائر الحكومية،عند ركوب الطيارة،أو الباص،أو التاكسي.

في وقت الفراغ.

دائما خذ كتابا معك ، حتى إذا لم تقرأه لايهم ، سيذكرك دائما ويثير فضولك.

اذا شعرت بالملل من الكتاب ألق به من النافذة.

 السؤال الخامس: كيف أقرأ؟

وهذا السؤال تجب الإجابة عليه قبل دخول عالم القراءة، لكل قارىء أسلوب وطريقة.

وعلى القارىء،إن أراد التميز وتعلم كيفية القراءة بصورة صحيحة، ان يتعلم أساليب القراءة والتي منها :

القراءة الابتدائية

هذا المستوى من القراءة هو الذي نتعلمه في مدارسنا حيث نجمع الحروف لنشكل كلمة، وما دمت تقرأ هذا المقال الآن فأنت بالتأكيد تعرفه.

القراءة الاستكشافية

وهي أسلوب يستعمل في طلب معلومة يريدها القارئ دون النظر إلى سواها  وبسرعة،و تستعمل في البحث في المراجع والمعاجم والموسوعات ، وتكون بالمرور السريع على بعض الكلمات المحددة  والمراد الوصول إليها.

القراءة التصفحية

وهي القراءة السريعة بغرض الحصول على فكرة عامة عن النص و الملخصات والاستنتاجات التي ترافق النص.

عن طريق قراءة الفهرس لأجل الاطلاع على موضوعات الكتاب الرئيسة، قراءة فقرة أو فقرتين من أهم الفصول، والاطلاع على أهم موضوعات الكتاب من أجل تكوين رأي عن المكتوب.

بعض الكتاب يضع ملخصا عاما في خاتمة الكتاب، أو ملخصات مختصرة في بداية الفصل أو نهايته , و الاطلاع عليها مفيد جدا في القراءة التصفحية.

القراءة الدراسية

و هي الطريقة المتأنية التي  يستخدمها القارئ لفهم مضامين النص وتفسيره واستيعاب الأفكار فيه . وغالبا تستخدم في الدراسة على المقررات لأجل تقديم الاختبارات .

القراءة النقدية

و هي قراءة واعية تحلل عمل الكاتب , وتحكم في الأفكار والاستنتاجات والأدلة وصحة المعلومات .
و تحتاج إلى المعرفة الواسعة بموضوع الكتاب ، وتتطلب قدرة خاصة على فهم النص، ومعرفة اتجاهات الكاتب ، وخلفياته والمصادر التي اعتمد عليها ، ومنهجيته في الوصول للنتائج 

قال فرانسيس بيكون

بعض الكتب يجب تذوقها، والبعض الآخر يجب بلعها، وبعضها الآخر يجب مضغها وهضمها

القراءة المقارنة

وهي مرحلة القراءة الاكثر صعوبة بالنسبة للجميع، تتضمن القرأءة التركيبية الانتقائية والمقارنة، حين يتجه المرء إلى التعمق في موضوع بعينه،فإنه يكون بحاجة إلى تتبع العديد من المراجع والكتب المتنوعة للعثور على مادة متجانسة ، تساعده على تكوين صورة جيدة عن الموضوع الذي يهتم به

ويتم ذلك بقراءة العديد من الكتب حول الموضوع ذاته والمقارنة بين الافكار والمفردات والحجج .
وتنفذ هذه الطريقة من خلال تحديد الفقرات ذات االصلة، وترجمة المصطلحات ، وترتيب الاسئلة التي تحتاج إلى الإجابة، وتحديد القضايا .
والهدف من هذا المستوى من القراءة ليس فهم الكتاب ذاته ، لكن الهدف هو  الفهم الأعم والأشمل لموضوع تتناوله عدة كتب، وتطوير معرفة عميقة به، وملىء الثغرات المعرفية عنه.

السؤال السادس:كم اقرأ؟

يسأل البعض كم كتابا أقرأ في الشهر؟ وكم هو عدد الكتب المناسب التي أقرأها شهريا؟

يقولون دوما إن المهم هو الكيف لا الكم ، وهذا ينطبق على القراءة أيضا، فليس مهما عدد الكتب التي يقوم الإنسان بقرأتها ، بقدر أهمية ماهية هذه الكتب وطبيعة محتواها،وما إذا كانت تحقق الوصول إلى أهدافه المرجوة من وراء قراءتها.

وما يحدد الأفضلية هنا،هو إشباع الرغبة الذاتية في القراءة أولا، ومن ثم تحديد نوعية القراءة،أي يجب ألا تشغل نفسك بالإجابة عن هذا السؤال عندما تقرر أن تبدأ القراءة، لأنك ستضع لنفسك العراقيل والحواجز بهذا التصنيف قبل أن تبدأ القراءة.

يقول أرنولد توينبي:
ليست العبرة في كثرة القراءة، بل في القراءة المجدية

كما يُقال " لتصبح ذكياً تحتاج لقراءة عشر كُتب فقط لكن للعثور على تلك العشرة فأنت بحاجة لقراءة آلاف الكُتب" .

ويقول هاري موراكامي" إذا كنت تقرأ الكتب التي يقرأها الجميع فستفكر فقط كما يُفكر الجميع"

و يقول ديستويفسكي " تعلم واقرأ الكُتب الهامة والقيّمة ودع الحياة تتكفل بالباقي". 

مع أطيب الأمنيات بقراءة ممتعة



تعليقات

التنقل السريع